مدونتنا

١٢‏/٠٤‏/٢٠٢١

إدارة الصّفوف الافتراضية بين ترف الماضي وضرورات الحاضر

أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين - مقالات من فريقنا - محمد عمر سلامة - مع اجتياح وباء كورونا العالم مطلع العام 2019 وانتشاره بشكلٍ متسارعٍ غيرِ متوقع، أضحت الحاجة مُلحّة إلى تطوير أدواتٍ مختلفةٍ عن تلك الأدوات التقليدية في تعاملنا مع التعليم؛ كي نمنع أيّ فاقدٍ تعليميّ قد ينتج من عدم تمكّن الطلبة من الذهاب إلى المدارس، بسبب الإغلاقات المفاجئة في كل مناحي حياتنا؛ لذلك لجأت الأنظمة التعليمية إلى ما يُسمى بالصّفوف الافتراضية التزامنيةSynchronous، كحلٍّ سريعٍ وآمنٍ؛ كي يتابع الطلبة دراستهم عن بُعد، وواكب ذلك ظهور تحدياتٍ عديدة، أهمها برأيي ما هو مرتبط بإدارة تلك الصفوف فكان السؤال: كيف يمكن أن ندير بيئة صفّيّة افتراضية أقرب ما تكون من البيئة الصّفيّة الواقعية بحيث تكون جاذبة للطلبة وتمكنهم من فرص التعلّم؟

في الحقيقة إنّ الإجابة عن السؤال لم تتأخر كثيرًا؛ لأنّ الحاجة كانت ملحّة لمعالجة أصعب جزء في التعليم الافتراضي، وهو إدارة تلك الصفوف؛  فالمعلم في هذا النوع من التعلّم يتعامل مع طلبته عن طريق الشاشة ولوحة المفاتيح، وهذا لم يكن أمرًا مُعتادًا من قبلُ. وفي دراسة منشورة سنة 2020 في مجلة Science Direct  بعنوان "التعلّم والتعليم في الفصل الدراسي الافتراضي المختلط: تحقيق في تفاعل الطلاب وتأثير الاختبارات القصيرة" وُجِدَ أنّ الدافع الداخلي عند الطلبة هو الأدنى عندما يتعلّم الطلبة عن بُعد، ممّا يعني أنّه يقع على كاهل المعلم حِملٌ كبيرٌ فيما يتعلق بإثارة دافعية الطلبة نحو التعلّم في الصّف الافتراضي، والعمل على جعل بيئة تعلّمهم جاذبة. وهذا يعني أنّ المطلوب من المعلم التسلّحَ بمهارات جديدة، متمثلة في مهارات الإدارة الصّفيّة الافتراضية، بالإضافة إلى مهارات أخرى مرتبطة بالتقنية، وتصميم البيئة التعليمية، وكذلك كيفية التأقلم وبشكل سريع مع تلك المهارات والممارسات، فهولا يملك ترف الوقت، وعليه وبسرعة أن يحوّل تلك التّحديات إلى فُرصٍ، تمكّنه من مواكبة ذلك التحوّل السّريع في التعليم، من الواقعي إلى الافتراضي.

وبشكلٍ عام فإنّ الإدارة الصفية الافتراضية تعد من التحديات، والمِحكات التي تميز أداء معلمٍ عن معلم. سواءً أكان المعلم في السنة الأولى من الخبرة أم في السنة العشرين منها؛ وهذا مردّه إلى عدم اعتيادهم على إدارة تلك الصفوف بعكس ما تعوّدوا عليه في صفوفهم الحقيقية.

وكي يتميز المعلم في إدارته للغرفة الصفية الافتراضية كان من الواجب عليه الأخذ بالعديد من النصائح والإرشادات التي وفرها له التربويون المختصون، والتي قدّمت له كثيرًا من الممارسات الناجعة التي يمكن أن تكون سبيله للنجاح في مهمته، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ الإعداد الجيد للحصة، مع التركيز على النتاجات الحرجة أو المهمة فقط، ووضع روتين ثابت يجعل من عملية الدراسة أكثر فعالية، وإرساء التوقعات والمكافآت بشكل مبكّر، والتشارك مع الطلبة في وضع القواعد الصّفية؛ كقواعد اللباس، وفتح الكاميرا، وطرح السؤال، والاستئذان، وكذلك عدم الانتظار في التعامل مع مشكلات الانضباط. وفي الوقت نفسه عليه أن يضفي جوا من المرح والسرور والمتعة؛ لأنّ الطلبة يَملُّون بسرعة، فيمكنه مثلا أن يوظّف الألعاب التعليمية، والصور الشائقة والتطبيقات الممتعة، التي تتوفر وبشكلٍ مجانيٍّ في الشبكة العالمية.  

ومما لا شك فيه أنّ إدارة البيئة الافتراضية لا تقل أهمية عن الجهد المبذول في إعداد وتحضير المادة التعليمية للطلبة وتصميمها، ولا تعد فقط تحدّيًا يواجه المعلمين، بل هي الأساس الذي يعتمد عليه نجاح الحصة من عدمه، لذلك فقد أصبحت من المهارات التي يجب أن تُدرج ضمن برامج التطوير المهني للمعلم، فنحن لم نعد نملك ذلك الترف في الوقت، فالجائحة قد تطول، ولا أحد يعلم ماذا يُخبئ لنا المستقبل.

منذ ٣ سنوات

أحدث التدوينات