Picture of the author
Picture of the author
Picture of the author

الكاتب: د. إبراهيم العوضي

نشر في: أغسطس 28, 2025

المواطنة العالمية في قلب التعليم: منتدى الأكاديمية 2025 يعيد تصور الغد

في عالمنا اليوم الذي يتغير بوتيرة متسارعة، لم يعد التعليم مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل أصبح أداة إستراتيجية لإعداد الإنسان لمواجهة تحديات العصر والتعاطي مع إشكالاته واضطراباته، وبناء مجتمعات أكثر عدالة واستدامة وتواصلاً؛ لذلك كانت هذه الفكرة منطلقًا أساسيًا لأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين لتختار عنوان منتداها للعام الحالي 2025 التعليم من أجل الغد: تعزيز المواطنة والقيم في عالم متغير، وهي فكرة تنطوي على وعي عميق وإدراك دقيق لأهمية تعريف دور التعليم إبان هذه الأمواج العاتية من التحولات العالمية والتغيرات الاجتماعية الجيّاشة.

 

لماذا المواطنة والقيم؟ ولماذا الآن؟

 

طرح الأكاديمية لموضوع المواطنة والقيم في هذا الوقت ليس اتفاقا ولا حُسنَ طالعٍ؛ لكنه اختيار مدروس لواقع عالمي يواجه تحديات غير مسبوقة وملابسات وإشكالات عميقة: كالتغير المناخي، والتحولات الرقمية التي تعيد تشكيل العلاقات الإنسانية وإنتاجها من جديد. في هذا السياق، تبرز المواطنة والتأكيد على منظومة القيم كالاستدامة واحترام البيئة والمسؤولية تجاهها، باعتبار هذا مفهومًا محوريًا ينتج العلاقة بين الفرد والمجتمع، ويبين التقاطعات بين المحلي والعالمي، وبين التعليم والحياة. 

المواطنة تحديدًا لم تعد مفهومًا محصورًا في الانتماء الجغرافي أو القانوني، بل أصبحت تعني الانخراط الفاعل في قضايا الإنسان حيثما كان، والوعي بالمسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية والبيئية التي تقع على عاتقه. والتعليم في إطار هذا الفهم يأتي باعتباره أهم تَدَخُلٍ لبناء منظومة الوعي والإدراك التي يتحلى بها الإنسان ليؤكد معنى إنسانيته ومسؤوليته عن استدامة عناصر الحياة والمحافظة عليها بحكمة، وذلك بتشكيل جيل قادر على التفكير النقدي، والتعاطف، والعمل الجماعي، والقيادة من أجل التغيير.

 

التعليم من أجل الغد: رؤية المنتدى 

 

ينعقد منتدى الأكاديمية هذا العام عن بُعد يومي 25 و 26 تشرين الأول 2025؛ ليكون منصة تفاعلية تجمع التربويين ، بهدف تبادل الفهم والخبرات، واستكشاف الممارسات التعليمية التي تعزز أدوار المواطنة والممارسات القيمية الصحيحة، وهو وقت تتزايد فيه الحاجة إلى إعادة النظر في البنية التصورية للتعليم؛ ليكون أكثر ارتباطًا بالواقع، وأكثر قدرة على بناء الإنسان والمجتمع. 

اليوم الأول من المنتدى سيشهد ورشَ عملٍ يقودها تربويون من أهل الخبرة والبحث والتجاريب؛ لتكون مساحة لفهم أطرِ الاتجاهات والتوجهات واستلهام الرؤى العميقة والتعلم المشترك. أما اليوم الثاني؛ فسيكون فرصة لعرض المشروعات الأصيلة والمبادرات المبتكرة التي أحدثت أثرًا ملموسًا في البيئات التعليمية، ضمن خمسة محاور رئيسة تعكس الأبعاد المختلفة للمواطنة في التعليم؛ كأنشطة المواطنة الفاعلة التي تبني مفهوم المسؤولية الفردية، والتربية من أجل تنمية مستدامة، والمواطنة الرقمية بتمثلاتها المختلفة، وإدماج القيم في الممارسات اليومية، وتمكين التربويين في صناعة التغيير.

 

المنتدى باعتباره منصة للحوار العالمي 

 

تنظر الأكاديمية اليوم إلى هذا المنتدى باعتباره منصة للحوار تؤكد ضرورة بناء تصور للتعليم يقوم على منظومة القيم الإنسانية المشتركة كما تؤكد مسؤولية الإنسان عما حوله من النظم الطبيعية والبيئية، وضرورة مراقبة حركته وأنشطته التي تؤثر فيها، حيث يقدم التربويون مقترحاتهم ومبادراتهم ومشاريعهم لمواجهة التجاهل لهذه المقدرات في غمرة الفرح بالإنجازات البشرية الكبرى في مجالات العلم المختلفة. 

سيحظى المشاركون بهذه الفرصة لطرح هذه الأبعاد وتبادل الأفكار حول كيفية بناء تعليم يعزز القيم، ويصنع الإنسان القادر على مواجهة تحديات الغد؛ وحيث تتأكد فكرة أن التعليم من أجل المواطنة ليس خيارًا، بل هو ضرورة وحتمية لاستدامة وجود الإنسان وسيادة حكمته ومسؤوليته ورشده في استعمال موارد الطبيعة واستدامة تدفقها. وهي دعوة منا لكل تربوي وقائد تعليمي، ولكل مؤسسة تعليمية؛ لأن يكون جزءًا من هذا الحدث العالمي، الذي يضع المواطنة في قلب التعليم وفي أتون تفاصيله.