Picture of the author
Picture of the author
Picture of the author

الكاتب: د. عاليا العربيات

نشر في: نوفمبر 23, 2025

كيف نُعلّم أطفالنا إدارة المال والادّخار؟

يحتفل العالم في 20 تشرين الثاني/نوفمبر باليوم العالمي للطفولة، وهي مناسبة تؤكد حقوق الأطفال في التعلم والنمو والمشاركة والعيش في بيئة داعمة وآمنة. وفي هذا السياق، يمكن أن نغتنم هذه المناسبة لتسليط الضوء على جانبٍ مهم من تربية الأطفال، وهو تعليمهم إدارة المال والادخار كمهارة حياتية تُنمّي الوعي والمسؤولية لديهم منذ الصغر. 

 

تُعدّ مرحلة الطفولة فرصة ذهبية لاكتساب المهارات الحياتية التي قد لا تتاح بالشكل الكافي خلال العام الدراسي. ومن بين تلك المهارات التي يُهملها كثيرون، مهارة إدارة المال والادخار، لما لها من دورٍ محوري في بناء شخصية الطفل وتعزيز وعيه المالي والاقتصادي منذ سنواته الأولى.

 

وفي زمنٍ تتزايد فيه الطلبات والرغبات وأنماط الإنفاق العشوائي، يمكن للأسرة أن تحوّل المواقف اليومية إلى فرصٍ تربوية عملية يتعلّم بها الطفل أن يميّز بين "ما يحتاجه" و"ما يرغب به"، وأن يدّخر لتحقيق هدفٍ محدّد بدلاً من الاستهلاك الفوري، وأن يشارك أسرته في اتخاذ قرارات مالية بسيطة تُعزّز إحساسه بالمسؤولية والانتماء.

 

إننا نربّي أطفالًا متّزنين عندما نغرس فيهم -مبكرًا - أن المال ليس وسيلة للمتعة الفورية فقط، بل أداة للتخطيط وتحقيق الأهداف، وأن القرارات المالية الواعية جزء أساسي من تكوين شخصية مستقلة ومسؤولة قادرة على التفكير والاختيار بحكمة.

 

طرائق جاذبة لتعليم الأطفال إدارة المال والادّخار

 

مشروع صغير: كلّف طفلك مهمة بسيطة ذات عائد رمزي. كأن تطلب إليه جمع مواد قابلة لإعادة التدوير وتصنيفها مثل الكتب القديمة، والأوراق، والعلب البلاستيكية، والمعادن، وتسليمها لمراكز التدوير مقابل مكافأة رمزية تخصصها له، يعزز هذا النشاط قيم المسؤولية البيئية والادخار والعمل مقابل المال.

 

ادّخر لهدف خاص: بدلًا من تلبية جميع رغبات طفلك المادية، شجّعه على المشاركة في تحقيق أهدافه الصغيرة. مثلاً هل يمكنك المساهمة بجزء من مدخراتك لشراء لعبتك المفضلة؟ هذا الأسلوب يعزّز الشعور بالإنجاز والانتماء، ويُكسب الطفل مهارة اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية وهي من القيم التي يُحتفي بها في اليوم العالمي للطفولة.

 

اليوم المفتوح للمال: ادّخر – أنفق – أتبرّع: خصص مع طفلك ثلاث حصالات، كل واحدة بلون مختلف تمثل هدفًا معينًا فالحصالة الخضراء – للادخار؛ يدّخر فيها الطفل لشراء غرض كبير أو هدف طويل المدى والحصالة الزرقاء – للإنفاق؛ يستخدمها لمشترياته الأسبوعية الصغيرة مثل الحلوى أو القصص، الحصالة الحمراء – للتبرع؛ يخصص فيها جزءًا لدعم من يحتاج، مثل طفل مريض أو جمعية خيرية، في نهاية كل أسبوع، دعه يوزّع ما كسبه بين الحصالات الثلاث، ثم ناقشه: "لماذا اخترت أن تضع أكثر هنا؟ وماذا تنوي أن تفعل بما ادّخرته؟

 

لعبة "ميزانيتي": قدّم للطفل مبلغًا رمزيًا أول الإجازة (مثل 20 دينارًا) واطلب منه توزيعها على الأسابيع القادمة، واحتساب ما أنفقه، وما تبقى لديه، وما يمكن أن يشتري به لاحقًا. علميًا، الأطفال الذين يتعلّمون تأجيل الإشباع يتمتعون بتحكم أفضل في سلوكهم المالي لاحقًا.

 

تعلم من الأخطاء: إذا أنفق الطفل كامل مصروفه في يومين، لا تُنقذه مباشرة، اتركه يختبر النتيجة كأن لا تسمح له بالذهاب مع أصدقائه، والانتظار للأسبوع القادم. هذه المواقف هي "الفصول الدراسية" الحقيقية للوعي المالي.

 

كن قدوته في التوازن: إذا كنت تطلب من الطفل الادخار، فكن أنت أيضًا المدّخر أمامه. اصنع صندوق طوارئ في المنزل. قل له: نوفر دينارين من كل نزهة لمفاجأة نهاية الصيف.

 

في الروضات والمدارس:

 

• نفذوا أركانًا اقتصادية تفاعلية: "دكان صغير" أو "سوق صيفي" بالألعاب. 

• خصصوا يومًا للعبة "أنا مستهلك ذكي": يوزّع فيه الأطفال مبالغ رمزية وينفذون مهامًا داخل الصف. 

• اقرؤوا مع أطفالكم قصصًا مثل "نورة توفر لشراء دراجتها"، ثم ناقشوهم في خطوات الادخار التي اتبعتها نورة، وما الذي ساعدها على تحقيق هدفها.

 

إن تعليم الأطفال إدارة المال والادخار ليس تدريبًا اقتصاديًا فحسب، بل هو بناء لقيمٍ إنسانية وسلوكياتٍ راشدة تدعم استقلاليتهم وتنمّي إحساسهم بالمسؤولية والمشاركة، في اليوم العالمي للطفولة، نؤكد أن تمكين الطفل من الوعي المالي هو حقّ تربوي أساسي يُسهم في إعداد جيلٍ متوازنٍ وواعٍ، يدرك أن المال وسيلة لتحقيق الأهداف وليس غاية في ذاته.