مقال - ينتهي العام الدراسي، ويعمّ الهدوء مباني المدرسة وأروقتها، وينظر المدير منا إلى فريقه وابتسامة تعلو محياه والعيون تقول (ها قد انقضى عامٌ آخر) ويبدأ المعلمون والمعلمات جمع أغراضهم للمغادرة، والاستمتاع بالعطلة الصيفية، ويجلس القائد يفكّر: كم من الأيام سأنال هذا العام لأرتاح، وأستمتع بأوقات صيفية عائلية؟ لكن تفكيره يأخذه في مناحٍ أخرى تختلف تمامًا عمّا اعتقده في البداية.
يبدأ رحلته في التأمل فيما حدث هذا العام، فالقائد الناجح هو من يفكر في كل ما مرّ به من نجاحات وتحديات، وينظر إليها جميعًا فرصًا للتعلم في الأيام القادمة، ويطرح على نفسه أسئلة كثيرة:
كم من المواقف الصعبة مرّت علينا هذا العام؟ ما التحديات التي مرّت بسلام؟ وأين كانت تلك النجاحات التي حققتها مع الفريق؟
هل كنت أعمل وحدي؟ هل طلبت المساعدة حين احتجتها؟ كيف كانت مهارة التفويض عندي؟ هل كانت قراراتي صحيحة؟ وهل كان التوقيت سليمًا؟
وهل وهل وهل .......
وكثير من الأسئلة والإجابات التي عليك بوصفك القائد أن تحذر ألا تتحول إلى ندم وجلد للذات، بل تجعل منها فرصًا لنجاحات تولد من جديد أو لنجاحات بدأت، وعليها أن تستمر.
كن عمليًا في ذلك، واستخدم الآلية التي تُفضّل، فبعض القادة ما زال يحب ذلك الدفتر الصغير والقلم، وبعضهم الآخر يحب فعل ذلك باستخدام التكنولوجيا، قم بذلك بالطريقة التي تريدها ولكنني سأنصحك بطريقة أستخدمها وتساعدني دومًا:
أصنّف ما حدث معي في العام الى أربع مجموعات: النصف الإيجابي (ما حدث وأستطيع تغييره)، (ما حدث ولا أستطيع تغييره)
النصف السلبي (ما حدث وأستطيع تغييره)، وأخيرًا (ما حدث ولا أستطيع تغييره).
في كل ربع من هذه الأرباع حكاية جميلة، ففي الربع الأول إيجابي / (ما حدث وأستطيع تغييره) سأجد كثيرًا من الخطط التي سأقوم بتنفيذها في العام القادم، فما يحدث في المدارس ويكون إيجابيًّا نستطيع أن نغيّره ونطوّره للأفضل، وبناء على ذلك ستنتج كثير من الأفكار والابتكارات والإبداعات التي يضعها القائد أمام الفريق.
أما الربع الثاني إيجابي / (ما حدث ولا أستطيع تغييره) سيكون مصدر فخر واعتزاز لي، ومساحة للتأمل في أسباب نجاح هذا الأمر، وكيف أستطيع أن أنقل هذه الأسباب لبنود أخرى في قيادتي.
أما الربع الثالث سلبي / (ما حدث وأستطيع تغييره) فسيعلّمني ما سأكتبه في هذا الربع نوعًا آخر من التخطيط، حيث سيدفعني إلى التفكير الناقد، وإستراتيجيات حل المشكلات، والتفكير الابتكاري، ومهارات طلب التغذية الراجعة وتقبّلها.
والربع الأخير سلبي / (ما حدث ولا أستطيع تغييره) فالدروس هنا مختلفة، سأتعلم تقبّل الفشل وتحويله إلى فرصة تعلّم جديدة، هنا سأتقبل تحمّل المسؤولية والاعتراف بالخطأ، وعدم جلد الذات أو إلقاء الملامة على الآخرين، سأتعلم أن الحياة ليست دائمًا تبدو بالصورة التي أحب وبالألوان التي أفضل، وإنما فيها كثير من الأمور التي تعاكسني ولا تتوافق مع ما أريد لكن القائد يتقبّلها ويتعامل معها.
هذه الممارسات وغيرها يبحر فيها القائد ما بين التأمل والتخطيط لأجل نجاح يتجدد، ومدرسة تتألق وفريق تصل به عنان السماء.
لتكن هذه العطلة الصيفية رحلة جديدة لا تغادر فيها مكانك لكن أفكارك ستسافر بك ما بين ما مضى وما سيأتي.